‏الجهوية المتقدمة

تلخيص الجهوية, 

عمل المغرب منذ فجر الأستقلال على تبني الامركزية ، وتطوير تجربته في هذا المجال ، حيث عرفت إصلاحات متواصلة مست كل جوانب تسير وتنظيم المجالس المنتخبة ، بالاضافة الى تقوية الموارد المالية للجماعات المحلية , بدأ ذلك بالظهير المؤرخ 2 دجنبر 1959 بمثابة التقسيم الاداري للمملكة ، ثم الانطلاقة لالامركزية من خلال الميثاق الجماعي بتاريخ 23 يونيو 1960  ثم ظهير 12 دجنبر 1963 المتعلق بالعمالات والاقاليم ، وستعرف سنة 1976 تغيرا مهما بإغاء الميثاق الجماعي 1960 وتعويضه بالميثاق الجماعي سنة 1976 اللذي يشكل ايطار جديد للممارسة الجماعية بتوسع الاختصاصات للجماعات  ، وفي سنة 1997 سيتم  

أعادة النظر في التقسيم الاداري بإحداث الجهات طبقا لمقتضيات الدستور 1996  وتنظيمها بقانون 47 -96 باعتبارها جماعة محلية ذات اختصاص ،وقد توج مصار الجهوية المتقدمة في المغرب باصدار مجموعة من القوانين بعد دستور 2011 اللذي عرف المغرب بأنه دولة لامركزية  111 -14 المتعلق بالجهات 112 – 14 المتعلق بالاعمالات والاقاليم 113 – 14 المتعلق بالجماعات , ,

أن الاختلالات والنقائص اللتي شابت التجربة الجهوية ، هي اللتي دفعت بالنظام السياسي في بلادنا إلى الاعلان عن رغبة قوية للأرتقاء بالنظام الجهوي إلى وضع متقدم ، تحضا فيه الجهة بمكانة قانونية متميزة تستطيع من خلالها القيام بالادوار التنموية المناطة بها ، الامر الذي يجعلها قائمة الذات ويجعل من ألالامركزية الجهوية المغربية حقيقة حاسمة وواقعا ملموست, 

ويمكن تعريف الجهوية المتقدمة بأنها تعبير عن تقاسم الصلاحيات والمسؤوليات    بشكل أوسع بين الدولة وباقي الجهات  , فالجهوية المتقدمة تندرج في أطار السياسات العمومية للمغرب ، كآلية لتفعيل الدمقراطيةالمحلية على المستوى الوطني من  خلال ترك الحرية في الاختيارات ووضع البرامج الاقتصاضية والاجتماعية والتنموية للسكان المحليين حسب كل جهة يديرونها حسب قدراتهم ومواردهم الذاتية ، في أطار التضامن والتكامل بين باقي الجهات, 

فالمقاربة التنموية الجديدة أصبحت تفرض الانتقال من نظام أداري مبني على البيروقراطية والمركزية المفرطة أو التشددية إلى نظام يتأسس على الحكامة الجيدة والمقاربة الترابية وتدعيم سياسة القرب ,  وقد سبق لجلالة الملك محمد السادس أن عَبَّرَ في خطابه بتاريخ 03 يناير سنة 2010 بأن  تكون الجهوية تحولا نوعيا في انماط الحكامة الترابية 

, أن إطلاق ورش الجهوية المتقدمة توطيضا للحكامة الترابية الجيدة والتنمية المندمجة ، ولقد قام جلالته على تنصيب اللجنة الاستشارية الجهوية ليسطر التوجهات والمرتكزات الاساسية للجهوية واللتي تتجلا في ما يلي,,1 التشبتبمقدسات الأمة وتوابثها في وحدة الدولة والوطن والتراب, فالجهوية المتقدمة ينبغي أن تكون تأكيدا ديموقراطيا للتميز المغربي الغني بتنوع  روافده الثقافية والمجالية المنصهرة في هوية وطنية موحدة ,

2 الالتزام بالتظامن أذ لا ينبغي أختزال الجهوية في مجرد توزيع جديد للسلطاط بين المركز والجهات ,

3 أعتماد التناسق والتوازن في الصلاحيات والإمكانات وتفادي تداخل الأختصاصات او تضاربها بين مختلف الجماعات المحلية والسلطات والمؤسسات , 4 انتهاج سياسة اللاتمركز الواسعة اللذي لن تستقيم الجهويةبدون تفعيله في نطاق حكامة ترابية ناجعة قائمة على التناسق والتفاعل, 

وقد توخى الخطاب الملكي المتعلق بتنصيب اللجنة الجهوية الأستشارية بلوغ أهداف جوهرية أهمها وجود جهات قوية ذات مجالس وأجهزة تمثيلية وليست صورية ، على رأسها نخب مؤطرة ومؤهلة قادرة على حسن تدبير شؤون الجهات المشرفة عليها ، والاستجابة لتطلعات المواطنين وحاجياتهم التنموية , 

يمكن القول أن الجهوية تتوخى في أهم أبعادها وأهدافها ترسيخ الحكامةالمحلية ، وتعزيز سياسة القرب من المواطن ، وتفعيل التنمية الجهوية المندمجة والحكامة المحلية وهي مختلف الأمكانات والآليات اللتي من خلالها يمكن للمنتخبين المحليين ترشيد وعقلنة تدبيرهم للشأن المحلي ، وكذا مأسسة الفعل والقرار وتدبير الموارد البشرية المحلية بشكل خاص ، وهو ما يجعل من الحكامة المحلية مجموعة من الأدوات التدبيرية اللتي تسعى ألى ترشيد النظام الأداري والمالي والبشري بهدف  تحقيق أقصى النتائج من خلال التركيز على مبادئ الشفافية والنجاعة والمأسسة والمسؤولية ,

وحتى تكون الحكامة المحلية مجسدة على أرض الواقع فأن ذلك يبقىرهينابمذا وعي النخب المحلية بحجم المسؤوليات الملقاة على كاهلهم لتحقييقالتنمية المحلية ، والأستجابة لطمحات المواطنين وحاجياتهم والتواصل معهم ،مع التخطيط لهذه الحاجيات وبرمجتها وتدبيرها باعتماد الشفافية والتدبير الناجع والعقلاني, 

وعليه حتى تلعب الجهوية المتقدمة ضورا رأيسيا في ترسيخ الحكامة المحلية   وتدعيم مسلسل الامركزية الادارية في بلادنا   فأن الامر يتطلب أتخاذالتدابير التالية ،،

أن تكريس الجهوية المتقدمة يتطلب من الدولة منح الجهات مزيدا من الحرية والأستقلال الاداري والمالي وتعزيز مواردها المالية والبشرية والتخفيف من حدة الوصاية والرقابة وتعوييضها بنظام المواكبة الادارية والرقابة القضائةوالمالية البعدية

أصلاح عدم التركيز الاداري بشكل يخدم الجهوية المتقدمة وينسجم مع توجهاتها الكبرى وذلك من خلال تنازل الادارات المركزية عن المزيد من الاختصاصات الفعلية لصالح مصالحها الخارجية المندوبيات والمديريات الجهوية والمفتشيات الاقليمية ، مع نقل الموارد المالية والبشرية لفائدة هذه الوحدات الادارية ، إذ لا جهوية في ظل التركيز الاداري ، بحيث ينبغي أن يصبح عدم التركيز هو القاعدة الاساسية  في توزيع المهام بين مختلف المصالح الادارية التابعة للدولة مما يسمح بتفعيل الحكامة الترابية  

حتى تتأسس الجهوية المتقدمة على قواعد متينة ، ينبغي للادارة المركزية وصناع القرار بالمركز القطيعة مع أسلوب التحكم والضبط والتدخل والمراقبة ،ونهج أسلوب الديموقراطية والحوار والتدبير التشاركي والتشاور والتواصل مع كل الفاعلين المحليين, إحداث مراكز التكوين المعرفي للنخب المحلية ، مع التنصيص القانوني لشرط الأهلية المعرفية ، لا يعقل أن نبني الجهويةالمتقدمة بنخب أمية او تتوفر على شهادة لا تؤهلها لتدبير الشأن الجهوي , التحديد القانوني الدقيق للمهام اللتي سيتولاها المنتخبون المحليون تفاديا لتداخل الاختصاصات مع باقي مكونات الادارة المحلية مع التركيز على  التنمية الاجتماعية والاقتصادية واعداد التراب والتعمير والتجهيز وإحداث المناطق الصناعية وتأهيل المنشآت التعليمية ، وتشجيع آلية التعاقد بين الدولة والجهات , أن تعزيز الحكامة المحلية في نطاق الجهوية يقطضي اساسا ربط المسؤولية بالمحاسبة وتسير المرافق بناء على معايير الشفافية والجودة والنجاعة ,

اترك تعليقاً